الدكتور ناجي صبري الحديثي، الاصالة والشموخ ..السياسي والدبلوماسي والأكاديمي والإعلامي الذي ترك بصمة مضيئة في تاريخ العراق المعاصر وتاريخ الامة.في
كل مرة يظهر فيها، يرى الناس فيه قامة عراقية شامخة، راية عالية في سماء
الامة، يتحدى أعداء العراق بقول الحقيقة التي ترعبهم، ويتصدى لكل من أراد
للعراق الشر. نستمع ونتعلم منه الصمود والقوة والمنعة والانتماء الأصيل
للعراق والأمة. عندما يتحدث عن مدينته التي نشأ فيها وتعلم منها فهو يتحدث
عن جذور تاريخية وارتباط وانتماء مخلص لتراب الوطن فهو حبه لمدينة الحديثة
عروسة الفرات تعبير حقيقي لحبه للعراق العظيم واعتزازه بما أنجزته تلك
المدينة والتي كانت رافدا حيويا للدولة العراقية الحديثة حيث خرجت
السياسيين والقادة والوزراء والعلماء والكفاءات المختلفة والذين تركوا
بصماتهم في تاريخ العراق المعاصر والأمة العربية. أقول ان ارتباطه الوثيق
بتراب مدينته ومائها وهوائها انعكس بشكل واضح بانتمائه واعتزازه بالعراق
والالتصاق به والدفاع عنه في كل الميادين السياسية والإعلامية والدبلوماسية
حيث كان يحث الخطى ليلا ونهارا في سبيل نصرة العراق والأمة.قد
تكون شهادتنا مجروحة بهذه القامة العراقية الشامخة، ولكنها هي الحقيقة
المعبرة عن ذاتها، مع اعتزازنا الكبير بعلاقتنا معه المبنية على الحب
والإخلاص والوفاء.لقد عرفنا الدكتور ناجي الحديثي رجل
الدولة والانسان الوفي الصادق بمشاعره، كان وبكل المواقع التي تبوؤها في
الدولة، تراه قد شرف الموقع واهلا له باستحقاق وتجرد وبقوة شخصيته وذكاءه
وامكانياته والكاريزما التي يتفرد بها. ومع ما يتمتع به من صفات القيادة
والكفاءة ومع كل مسؤولية يتصدى لها بكل حزم واقتدار، بهذا القدر العالي الا
انه متواضع، وفيّ، ودي، ومتفاعل ومنفتح في تعامله مع مساعديه وموظفي
الدوائر العديدة التي ادارها على مدى خدمته الوظيفية في الدولة العراقية
لمدة ٣٥ سنة، وآخرها وزارة الخارجية .بعد مراحل
المسؤولية الكبيرة التي انيطت به من قبل قيادة الحكم الوطني قبل الاحتلال
والتي أداها بكل جدية وتفاني وكفاءة مهنية، مارس الأعداء ضغوط وحملات تشهير
ضده في محاولات بائسة لترهيبه ومنعه من تثبيت حقيقة مواقف القيادة
الوطنية في الدفاع عن العراق وسيادته وارضه وشعبه، والكشف عن جذور مشروع
غزو واحتلال العراق وارتباطه باسرائيل، وكذلك حقيقة كونه في الضد تماماً من
الامن القومي العربي والمصالح الوطنية للدول العربية، أقول في كل مرة كان
يقف في وجه اعداءه طوداً شامخا واسداً ضرغاماً لا يهاب أحداً في قول
الحقيقة التي كانت كالسيف على رقابهم، كان يقابلهم بذلك الهدوء والاريحية
المستندة الى ثقته بنفسه وتاريخه واصالته، متسلحا بقيم الرجولة ومبادئها
وحبه لوطنه والدفاع عنه وبثقافته السياسية الواسعة وتجربته الدبلوماسية
العميقة . لم يحيد يوما وبكل الظروف الصعبة التي واجهها ولم تنثلم مبادئه
الوطنية الراسخة رسوخ الجبال.تتقد ذاكرته بكل الاحداث
والمواقف التي مر بها شخصيا المرتبطة بالعراق وكيف كان يجابهها بقوة
واقتدار بالكلمة الصادقة والبينة الدامغة التي كانت امضى من كل سلاح يشهر
بوجه الأعداء للدفاع عن وطنه وشعبه. ولم يتخاذل او يتردد في اتخاذ الموقف
السليم او المعبر عن الحالة التي هو فيها في الوقت المناسب، والتي تميز بها
عن كل من تسلم مهمة وزارة الخارجية قبله، والنابعة من الخبرة الطويلة
والعمل المهني سياسيا واعلاميا ودبلوماسيا. وقد تمكن بفضل ذلك وبفضل ثقته
العالية بنفسه وثقة الرئيس المرحوم صدام حسين والقيادة به ان يتحمل تلك
المسؤولية الدقيقة والمهمة في اصعب مراحل الصراع مع القوة الغاشمة، ويؤديها
بأعلى درجات الاقتدار المهني والحرص والحزم والعزم. وهكذا وفقه الله ونجح
بقدرته الدبلوماسية العالية وقيادته الفذة للكفاءات الدبلوماسية العراقية)
في إحباط أعتى وأضخم حملة دبلوماسية وسياسية عالمية معادية للعراق
لشرعنة الحرب عليه واحتلاله باسم الامم المتحدة ، حينما تمكن من افشال
الضغوط الجبارة التي مارستها الولايات المتحدة وبريطانيا على مجلس الامن
الدولي من أجل اصدار قرار بشن الحرب على العراق واحتلاله. وقد نجح في ذلك
رغم القيود الثقيلة التي فرضتها اجراءات الحصار الدولي واميركا وبريطانيا
وحلفائهما على العراق وعلى قدرات وزارة الخارجية المادية وعلى بعثاتها
وتحركاتها الدبلوماسية. هذا الانجاز الوطني الكبير الذي حققه الوزير ناجي
الحديثي الذي حرم امريكا وبريطانيا من اصدار قرار الغزو من الامم المتحدة
جعل غزوهما واحتلالهما للعراق عملا عدوانياً مداناً وغير شرعي وانتهاكا
صارخا لميثاق الامم المتحدة وللقانون الدولي. أخي
العزيز وصديقي وابن عمي الغالي، لقد تربعت الذرى ودونك كل الرجال وأثبتم
انكم تمثلون الثبات على المبادئ والقيم الاصلية ودافعتم عن العراق الابي
ولازلتم كما عهدناكم. ارتقيت الى قمة الجبل الاشم وتغلبتم على اعداءكم وبقي
دونك من خسر دينه ودنياه في السفوح والوديان. ارتقيت القمم الشامخات لأنكم
تمسكتم بالمبادئ وقيم الرجولة والفرسان الاصلاء وصمدتم بوجه العدوان بكل
عنفوان في زمن اختفت فيها كل الأصوات.كنت ولاتزال للعراق نصيرا، نصركم الله وحفظكم ورعاكم ورفع الله مقامكم.الدكتور خالد الحديثي