كلمة السيد صدام حسين الرئيس العراقي في افتتاح المؤتمر القومي الشعبي

        أيها الأخوة رؤساء وممثلو الأحزاب والقوى السياسية العربية ورؤساء وممثلو الاتحادات الشعبية والنقابات المهنية المحترمون:-


    أيها السادة المشاركون والضيوف:-
         بسم
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وباسم مجلس قيادة الثورة،
أحييكم وأرحب بكم اجمل ترحيب في بلدكم عراق العروبة والثورة، مقدرا لكم
استجابتكم ومشاركتكم في هذا المؤتمر القومي الشعبي، آملا لمؤتمركم الوصول
إلى غاياته المرجوة على طريق خدمة أهداف أمتنا العربية.

أيها الأخوة:
 إن لقاءكم التاريخي في بغداد، يجيء في مرحلة دقيقة تواجه النضال العربي، وفي
ظروف دولية تتسم بالخطورة وباشتداد الصراع بين القوى العالمية الكبرى
وبتصادم استراتيجياتها لاقتسام مناطق النفوذ في هذا العالم.

فلقد تعرضت أمتنا العربية منذ أوائل هذا القرن، إلى ابشع مؤامرة إمبريالية
بالتحالف مع الصهيونية العالمية والرجعية المحلية والأنظمة العميلة، أدت
إلى تقطيع أوصال وطننا الكبير إلى دويلات وأجزاء، واغتصبت فلسطين وشردت
شعبها العربي، كما سلبت أجزاء أخرى، لكي تحقق مصالحها الجشعة وتنهب ثرواتها
الطبيعية وفي مقدمتها النفط، وتفتح أسواقنا أمام بضائعها وقد لعبت
الإمبريالية الاميركية دورا متميزا في إقامة ودعم الكيان الصهيوني العنصري
الاغتصابي وتغطية اعتداءاته التوسعية وتبرير سياساته الاستيطانية والدفاع
عنه في المحافل الدولية وإمداده بكل ما يتيح له القيام بمهمته كرأس حربة
للإمبريالية سواء بالمساعدات الاقتصادية أو بتزويده بأكثر الأسلحة تطورا.

وقد صعدت الإمبريالية من موقفها العدائي ضد امتنا بمختلف الوسائل التآمرية وآخرها عقد اتفاقيتي كامب ديفي

بين نظام السادات والعدو الصهيوني، وتوقيع معاهدة الصلح الخيانية، وتطبيع العلاقات
بين النظام المصري والكيان الصهيوني، لفرض المخطط الاستسلامي على العرب
وتكريس العدوان والاحتلال الصهيوني لفلسطين والأراضي العربية المحتلة
الأخرى، وسحق إرادة الجماهير العربية الطامحة إلى التحرر والوحدة والتقدم.
ان الولايات المتحدة الاميركية، خططت ومارست ولا تزال كل أشكال الضغط والتطويق
ضد الأنظمة العربية الوطنية والتقدمية التي استطاعت انتهاج سياسة مستقلة،
وحاولت ان تربط منطقتنا بأحلاف عسكرية عدوانية وأن تزرع فيها سلسلة من
قواعدها الجوية والبرية والبحرية لتمارس الإرهاب والتهديد والتلويح بالعصا
الغليظة ضد جماهير امتنا.. وقد استغلت الإمبريالية الاميركية أزمة الرهائن
في سفارتها بطهران والتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان لتحريك أساطيلها
والضغط على بعض الأنظمة ذات الصلة بها في منطقة الخليج العربي، لكي تستعيد
نفوذها منها بشكل سافر، وتمهد لاحتلال منابع النفط الغنية في هذه المنطقة
الاستراتيجية الحيوية بالنسبة لسلام العالم واستقراره واقتصاده.ولقد
رافق تنفيذ المخطط الاستسلامي  لتحالف كارتر – بيغن – السادات، محاولات
تفجير الموقف في اكثر من قطر عربي، وإثارة حرب أهلية في لبنان، واشعال
الفتن الطائفية، وافتعال مشاكل الحدود بين بعض الأقطار العربية، وترويج
الأفكار والدعوات المناهضة للفكر القومي والاشتراكي، ودفع القوات الصهيونية
إلى تكثيف عدوانها، وتكليف بعض الأقطار المجاورة لامتنا بإشغال العرب
واستنفار جهودهم في صراعات جانبية .. إلا ان حلقات هذا المخطط الجهنمي باءت
بالفشل الواحدة تلو الأخرى، بفضل وعي الجماهير وقواها الثورية، وقد جاءت
مبادرة الحزب وسلطته الثورية في القطر العراقي في الأول من تشرين الأول عام
1978، وعقد مؤتمر قمة بغداد التاسع، لوقف التداعي والتدهور والانكسار
النفسي الذي أريد له ان يزعزع ثقة الجماهير العربية، بعد توقيع اتفاقات
كامب ديفيد ولتخرج
واذا
كان لنا – أيها الأخوة المناضلون – شرف المبادرة باعلان الميثاق فقد كان
لكم فضل احتضانه والتنادي لدراسته وإغنائه بالأفكار والمقترحات الإيجابية
البناءة إيمانا بتفاعل واهمية الحوار الديمقراطي وصولا إلى أرقى أشكال
العمل القومي الشعبي المشترك.


         إننا
ندعوكم لان تنطلقوا من أسس الإعلان القومي، لبلورة استراتيجية عربية تعبئ
كل القوى الوطنية والقومية التقدمية، وتنسق بين الإمكانات والطاقات
الجماهيرية المنظمة والواسعة عبر برنامج كفاحي ملتزم بأهداف الأمة، مستوعب
لمتطلبات تحررها ووحدتها القومية وتقدمها لقيادة نضال الملايين باتجاه
تحقيق أهدافها المركزية.


         إننا
نطمح – أيها الرفاق – إلى ميلاد جبهة عريضة تضم كل الأحزاب والتنظيمات
السياسية والاتحادات الشعبية والنقابات المهنية والشخصيات الوطنية
والديمقراطية المستقلة. المؤمنة بالقومية العربية وبحركتها التقدمية
الصاعدة وخطها الاستقلالي ومنهجها غير المنحاز، إنها مهمة شاقة وطويلة،
ولكنها في الوقت نفسه، مطلب ملح لا مناص من تحقيقه، ولا عذر لمن يتخلف عن
المساهمة في إنجازه، فالخطر الذي نواجهه كبير، والمؤامرة التي نتصدى لها
خطيرة ومتشعبة.. ولا بد أن نحشد لها كل قوى الأمة لنكفل الظفر النهائي.


         وفي
الختام نعاهدكم أيها الأشقاء، عهد الرجال المناضلين على أن نظل أوفياء
لمبادئنا القومية، ولتقديم جميع أنواع الدعم والمشاركة النضالية لشعبنا
العربي الفلسطيني وفصائله المسلحة، ومساندة القوى الوطنية اللبنانية في
حماية وحدة لبنان والحفاظ على عروبته واستقلاله، ودعم مناضلي شعبنا العربي
في مصر،… كما نعدكم بمواصلة شد أزر كل ساعد عربي يرفع السلاح ضد الظلم
والطغيان.. واحقاق للحق والعدالة حتى يتحرر الإنسان العربي ونشيد دعائم
مجتمع العروبة الديمقراطي الاشتراكي الموحد.


         وفقكم
الله وعزز مساعيكم النبيلة.. والنصر أبدا حليف المناضلين في سبيل رفعة
وطنهم وعزة أمتهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.