حديث الرفيق صدام حسين في مجلس التخطيط المنعقد بتاريخ 10/07/1977

أيها الأخوة :ان عملكم وعمل وزارتكم من أخطر الأعمال التي تقوم بها وزارة في القطر ، لأنه يتعلق
بأعز ما نملكه وما يملكه شعبنا وهو الشباب . . والأجيال الصاعدة . . الطلاب
عموما ، الذين خلقت الثورة لديهم حالة جديدة من الوعي والشعور الوطني
والقومي ، والايمان بالنهج الاشتراكي والشعور بالمسؤولية , وان مثل هذه
الحالة لابد من تعزيزها , فما هي الوسائل المناسبة للتعامل مع طالب يوميا ,
سواء في المدرسة او في البيت , بالشكل الذي يجعل تفاعله مع المستلزمات
الجديدة في التربية تفاعلا تفصيليا وصميميا؟ اقول بصراحة : ان الوسائل
والمعالجات المستخدمة في هذا الميدان غير مشجعة حتى الان.اننا لا
نريد للطالب ان يحفظ الامور التي تخص الحزب وتخص الدولة حفظا ببغاويا لان
الاخلاص للحزب لا يعبر عنه بالانتماء التنظيمي او بحفظ شعارته فحسب , وانما
يعبر عنه بالولاء للوطن ولاءا صميميا , وبالامانة في اداءا الواجب اداءا
صميميا , وبالحرص على الزمن حرصا صميميا , وبتطبيق برنامج الثورة تطبيقا
سليما ومبدعا.صحيح ان
لدى وزير التربية خطأ عاما يسير عليه , ولكن الكثير من الامور , وفي احوال
وميادين عديدة تخطى قدراته في المتابعة والاشراف , وبخاصة عندما تخرج الى
مجال التفاصيل التنفيذية لتصبح من مهام المفاصل التالية . وعليه , وعندما
تكون هذه المفاصل نابضة بالحياة , وقادرة على الابداع , فان سياقات الحركة
ستسمر بنفس النهج الذي يحدده الوزير المختص , او تحدده القيادة بمنهج جماعي
.نحن نطمح
الى ان نجعل من الطفل الصغير مركز اشعاع داخل العائلة التي تضم والديه
واخوته , ليشع ويغير ايجابيا ولا يتغير سلبيا فيعلم اهله , جانبا من اصول
التعامل والاحترام , الذي يستند الى مفاهيم الثورة , لان المدرسة علمته
فائدة واهمية هذا , ولئن كان الاب لا يعرف هذا السلوك الجديد , فأن الطالب
او التلميذ الصغير سيخلق في العائلة نمطا جديدا من الحياة , له علاقة
بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي , وبمنهجه في التغير الثوري . لان
صميمية مبادئ الحزب تتركز في قضيتين اساسيتين هما : خلق وطنية صميمية
وانهاء اي شكل من الاشكال الظلم والاستغلال فيما يتعلق بالعراق , ووضع
العراق كله , ضمن هذين المرتكزين , في خدمة اهداف النضال القومي .فما لم
نكون وطنية صميمية , وما لم نرفع الظلم والاستغلال في العراق , فاننا لن
نكون قادرين على ايصال مبادئ الحزب الى ابعد من العراق بل حتى في داخل
العراق , فان دعواتنا ستتحول الى ما مرت به التجارب الفاشلة في البلدان
العالم الثالث , حيث يتحدث المعنيون من قادة التغييرات الوطنية , عند بداية
التغييرات السياسية في تلك البلدان عن الوطنية والاشتراكية وغيرها من
الشعارات بضجيج عال وبعد ان يغادر اولئك ساحة مواقعهم الامامية , سبب من
الاسباب , نجد القوى المضادة تعود لتستلم مسؤوليات الدولة بدون عقبات كأداء
, لان القوانين التي كانت سائدة , ولان الشخوص في الصفوف الثانية لم
يبدلوا او يغيروا تغييرا ثوريا . ولم تخلق اعرافا وتقاليد ثورية راسخة
وجديدة في المجتمع ومؤسسات الدولة الرسمية , فهم يأتون , اذن , ويستلمون
الامور تحت دعوات واغطية شتى من الشرعية القانونية السائدة اعتياديا , دون
خسائر جدية والثقافة والتقاليد .ولذلك
فأن مهمتكم مهمة صعبة , وان مهمة معلم الابتدائية تتقدم على مهمة مدرس
الثانوية , وهذه ايضا تتقدم على مهمة استاذ الجامعة لان الاستاذ في الجامعة
سيتسلم الطلاب كنتيجة متكونة في اسياسياتها التربوية الى حد بعيد , فأذا
كانت منحرفة , فأنه لن يكون قادرا على ان يحدث تغييرا كبيرا وجوهريا فيها ,
اما اذا كانت النتيجة منسجمة مع الخط العام , فأن دوره سيكون هو العمل على
تطوير وتعميق هذه النتيجة , ووضعها ضمن السياق الاعتيادي لحركة الثورة
وبرامجها . ولذلك عليكم ان تهتموا بتعليم التلميذ والطالب تفاصيل الحياة
اليومية كما ذكرنا , ابتداء من الاستخدام الصحيح للشوكة والسكين , واداب
المائدة واستئذان الابةين في حالة دخول غرفتهما , او في حالة استضافة صديق ,
الى احترام الملكية العامة ( الملكية الاشتراكية ) , والاقتصاد بالنفقات
ومحاربة العادات البرجوزاية .لان نقل تقاليد وعادات وتوجيهات الثورة عن
طريق التلاميذ والطلاب وعوائلهم , وتحصنهم تجاه العادات البالية التي لا
زالت عند تلك العوائل , مسألة حيوية واسياسية , ويجب الا تعتبروا هذه عادات
برجوازية , اذ لا يوجد في مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي , ان من ياكل
بيده هو اشتراكي , ومن يأكل بالشوكة ليس اشتراكيا, نحن نرغب ان يأكل الشعب
كله بالشوكة وبالمعلقة , رغم ان اهلنا لم يعلمونا كيف نأكل بهما , لان
الاكل بالشوكة وبالمعلقة صحي ونظامي واقتصادي , واكثر من الاكل بواسطة اليد
, ولكنه كذلك , فلابد ان ندخله في منهاجنا .ان
النظرة البرجوازية انما تتركز اساسا في انها تستغل الانسان , اما
الاشتراكية فانها ليست مساواة في الجوع وفي الظلم وفي الاضطهاد والفوضى ,
وانما هي مساواة في الرفاه , وفي العزة والتحرر, فنحن لا نريد – اذن – ان
يظل شعبنا جائعا ومتخلفا , ليقال انه شعب اشتراكي , وانما نريده مكتفيا
ومرفها واشتراكيا , في الوقت نفسه .علينا ان
نجعل الصغار , يعتادون على كل العادات الجيدة , وينقلونها الى بيوتهم ,
لان بيوت الكثيرين منهم لا تتوفر فيها الشروط اللازمة للتربية الصحيحة . قد
يبدو للبعض ان هذه السياقات غير جوهرية , ولكنها في الواقع جوهرية واساسية
, لانها تتصل بأحد اسرار نجاحنا في بناء المجتمع الجديد , وهو حب النظام
الذي يعكس تأثيره الجدي على تطبيق برامج الافكار السائدة , والمعمول بها
لبناء هذا المجتمع . ان النظام يعلمنا كيف نقدر قيمة الوقت واهميته ..
ويعلمنا كيف يجب ان يحترم الاعلى وان يرعى الادنى , والنظام يعلم التلميذ
لماذا , وكيف , ولاي غرض يستخدم اي شيء, سواء في المدرسة ام في البيت ام
الشارع . وهذا كله جزء من التربية الوطنية . النظام يعلمه كيف يجلس  في
الصف وعلى المائدة .. وانه لا يجوز له ترك المائدة فبل ابيه وامه , ولا
يجوز له ان يبدأ بالاكل قبل والديه .. والخ . هذا الجزء من التطويع على حب
النظام , ويجب ان نجعل الطالب يعتاد على ان لا يتضايق من هذا النظام . لان
في ذلك جانبا تربويا ونفسيا  ووطنيا مهما .. فالطالب الذي يعتاد على العمل
بتفاصيل كثيرة من فروض النظام , نجده لهذا السبب بالاضافة الى اعتبارات
اخرى معروفة عندما تستدعي الضرورة ان يقف في الشمس ممسكا بسلاحه ليلا
ونهارا , بدون ان يتحرك , وعندما يطلب اليه ان يواجه انزالا امبراليا او
معاديا في هذه المنطقة الحارة سيفعل ذلك , لانه قد اعتاد , منذ ان كان
صغيرا , على سياقات من العمل المنظم , وعلى كثرة تفاصيله , بما يخلق الصبر
لديه ويعمقه . فاذا ما استجدت تفصيلات اخرى من العمل المنظم وفق سياقات
جديدة فانه لن يتضايق منها , بما في ذلك الحياة العسكرية وحياة الحرب , لان
ما يماثلها قد اصبح جزءا من حياته , وجزاء من تربيته العامة , منذ كان
طالبا , او تلميذا صغيرا في المدرسة .اذن ,
فمن اجل ان لا ندع الاب والام هما اللذان يسيطران على البيت بالتخلف , يجب
ان نجعل الصغير يشع في البيت لطرد التخلف , لان بعض الاباء قد (( افلتوا
منا )) لاسباب وعوامل كثيرة , ولكن الابن الصغير ما زال بين ايدينا , ويجب
ان نحوله الى مركز اشعاع فاعل داخل العائلة , طوال الساعات التي يمضيها
معها , لتغير حالها نحو الافضل , ونبعد عن الاقتباس الضار .وهذا لا
يتناقض مع الولاء الصحيح للعائلة .. واحترام الابوين , ومع وحدة العائلة
التي نسعى اليها . غير ان وحدة العائلة يجب ان لا تقوم على اساس مفاهيم
التخلف وانما يجب ان تقوم على اساس الانسجام مع السياقات الموكزية لسياسات
وتقاليد الثورة في بناء المجتمع الجديد . وفي كل مرة تتعارض وحدة العائلة
مع السياقات المطروحة والمعمول بها لبناء المجتمع الجديد , يجب ان يحل هذا
التعارض لصالح السياقات الجديدة من السياسات والتقاليد لبناء المجتمع
الجديد وليس العكس . فمهمتنا اذن كبيرة ومعقدة جدا , وهي بحاجة الى ريشة
فنان مقتدر , لكي يعطي (للعين) الوانها الصحيحة . من السهل استعمال المطرقة
في الصناعة واستعمال الفأس والمسحاة في الزراعة ، اما التربية فلا مجال
فيها استعمال طريقة استخدام الفأس او المسحاة او المطرقة , لان الجهد كله
يتركز احيانا في جزء من ريشة الفنان , كيما تضمن دقة الصورة التي نريد
التوصل اليها , وتقديهما كنموذج جديد لبناء المجتمع.يجب ان
لا نكون واقعين ثوريين , ونحن نربي الجيل على هذا الاساس , والا نفاجأ
بالظواهر السلبية في المجتمع ونقف عاجزين او مرتبكين في معالجتها , لان
الكثير من ابناء الشعب , ومن بينهم عناصر حزبية , لم يستطيعوا ان ينسلخوا
كليا عن مفاهيم وتقاليد المجتمع القديم , رغم انسلاخهم  بالافكار , لان
المسألة الانسلاخ بالسلوك اصعب من الانسلاخ بالافكار , وان كنا نفترض
الانسجام بين الفكر والسلوك دائما . فاذا كانت هناك ((ضربية ))كبيرة على
الافكار عمادها التضحيات والنضال المستمران في مرحلة سابقة , فان هذه
الضربية قد تناقضت او انها اخذت اتجاهات اخرى , اقل مخاطرة , في سياقها
العام في هذه المرحلة , اما السلوك فان ضربيته ما زالت مستمرة , وان تغير
شكلها وهي ضربية الانسجام مع الجماعة , على حساب الخصوصيات المتعارضة مع
مسيرة ومصلحة المجتمع , والتي يعبر عنها (بكذا) في الميدان الاشتراكي ,
و(كذا ) في ميدان التربية الوطنية , او في ميدان النضال القومي , الخ .
لذلك نرى انه ليس بالضرورة ان يقود الانسجام في الافكار الى كل الصورة
المطلوبة في التفاصيل , ولكن يفترض ان يقود الى ذات الصورة في المحصلة ,
اما في التفاصيل فاننا قد نجد بعض القصور او عدم التناقض , قد نجد البعثي
الذي لا يتعارض معنا في فهم الاشتراكية , الا انه يفترق عنا , عندما تهدد
الاشتراكية مصالحه او رغباته حيث يبدا الخلل الذي يكون على حساب الخلق
العام , وليس على حساب مبادئ حزب البعث الاشتراكي فحسب , ومن هنا ندرك
تماما ان الحزب مدرسة لاستزداة الحصانة , الا ان الوطنية لا تكون وقفا على
المنتسبين الى الحزب … والاخلاص لا يكون بين اعضاء الحزب وحدهم , ولكن مثل
هذه الحالة تشبه الامتحان في بعض جوابنها فهل يكون الاختبار هو المقياس
الوحيد للدلالة على كفاءة كل الطلاب ؟ الجواب … كلا ولكن هل لدينا مقياس
اخر غير هذا ؟ الجواب .. كلا ايضا . ليس امامنا , اذن , من طريق لتعميق
حصانة ووعي وايمان وفاعلية الناس , وقيادة المجتمع قيادة ناجحة , وتحقيق
اهدافهم الوطنية والقومية المعلن عنها , الا الطريق المنظم . غير ان هذا لم
يمنع حزب البعث العربي الاشتراكي ان يؤكد ان الوطنية لا تكمن في صفوف حزب
البعث العربي الاشتراكي وحده وان الاخلاص لا يكمن بين اعضاء حزب البعث
العربي الاشتراكي  وحدهم , وعلى هذا الاساس اكد الحزب , ومن فهم واقعي
وثوري , ان صيغة حزب البعث ليست صيغة شكلية , وانما هي صيغة مبادئ وسياقات
عمل , متصلة بالمبادئ التي هي بعثية كلها , ومن هنا القول ان كل مواطن يخلص
لوطنه , ويحب شعبه وعمله ويحرص عليهما ويؤمن بالثورة هو بعثي على طريقته
الخاصة .ايها الاخوة :لقد قدمتم الكثير , ومع هذا , فليكن في علمكم اننا نطمح الى ان تقدموا المزيد , لان طموحكم , الذي هو طموح الثورة , كبير .عليكم ((
بتطويق )) الكبار , عن طريق ابنائهم  , بالاضافة الى الروافد والوسائل
الاخرى , علموا الطالب والتلميذ ان يعترض على والديه , اذا سمعهما يتحدثان
في اسرار الدولة , وان ينبهمهما الى ان هذا غير صحيح .علموهم
ان يوجهوا النقد الى ابائهم وامهاتهم , وبأحترام , اذا سمعوهم يتحدثون عن
اسرار منظماتهم الحزبية , عليكم ان تضعوا في في كل زواية ابنا للثورة ,
وعينا امينة وعقلا سديدا , يتسلم تعليماته من مراكز الثورة المسؤولة
,ويبادر الى تطبيقها , ويختزن الصيغ القديمة ويعالجها , نفسيا واجتماعيا ,
معالجة صحيحة , مع المحافظة على وحدة العائلة واحترامها , علموه ان يعترض ,
باحترام على احد والديه , اذا ما وجد يفرط بأموال الدولة , وان يبلغه انها
اعز من امواله الشخصية , اذ لا يمكن ان يكون لديه ملك شخصي مشروع , اذا لم
تكن للدولة اموالها , وملكيتها التي هي ملكية المجتمع , ويجب ان نعتز بها
ونحرص عليها . كما يجب ان تعلموا في هذه المرحلة الطفل ان يحذر الاجنبي ,
لان الاجنبي هو عين لبلاده , وبعضهم وسائل مخربة للثورة , ولذلك فأن مصاحبة
الاجنبي والحديث معه , بدون ضوابط معلومة , غير جائز , وازرعوا في نفسه
الحرص على ان لا يعطي للاجنبي شيئا من اسرار الدولة والحزب , وان ينبه
الاخرين كذلك , صغارا وكبارا , وبشكل مهذب , على ان لايتحدثوا امام الاجانب
, بدون تحفظ , عن اسرار الحزب واسرار الدولة , ان الطفل , في جانب من
علاقته مع المعلم , كقطعة المرمر البكر في يد النحات , حيث يملك القدرة على
اعطائها الشكل الجميل المطلوب , دون ان يتركها للزمن , وتقلبات عوامل
الطبيعة .فالمطلوب
منا , اذن , هو ان نحكم الضوابط والمفاتيح الاساسية مركزيا , وان نترك
النهايات مفتوحة لاغراض المبادرة , ولا نتركها سائبة خارج الاطار المركزي
في الاشراف والتقرير , حتى لا نقتل المبادرة ولا نقضي على المركزية
المطلوبة في التخطيط والاشراف وهذا هواحد قوانين الثورة الاساسية , في
التعامل مع حركة بناء المجتمع , ليس في هذا الميدان فحسب , وانما في كل
الميادين الاخرى .اننا
مهما بذلنا من جهد فأننا نشعر , دائما , انه مطلوب منا ان نعمل اكثر , ونرى
في الكثير من الاحيان اننا مغلوبون , فلماذا يعترينا مثل هذا الهاجس ,
ونحن نعرف اننا امور جيدة وكثيرة ؟ نشعر بذلك لان طموحنا اكبر من كل ما
ننجزه , ولان الطموح متجدد دائما , وهكذا نجد انفسنا , احيانا , وكأننا لم
نفعل شيئا حيويا وجوهريا , بالقياس الى طموحنا , او كأننا مغلوبون , وهذا
الاحساس مطلوب لاغراض التطور والمبادرة . المطلوب هو  , مطلوب من عوامل
التطور والمبادرة المستمرة , كيما يظل الانسان غير متخلف في قدراته , وفي
افكاره وسياسته .ابتعدوا
عن المجاملة على حساب الحق , فأنكم ان فعلتم ذلك تنجحوا , ويزداد حب
الاخرين لكم … رغم انكم ستواجهون صعوبات ما , اننا نتكلم هنا ونحن نعرف
صعوبات الحياة العملية للذين يتمردون على النفاق والزيف وليس مجرد كلام
نظري . ونحن نعرف كذلك ان مثل هذا المسلك يجعلكم تواجهون صعوبات . وقد
يتعثر احدكم , وقد يوقع به الاخرون , وقد لا يتفهمونه , لاننا نعرف ان مثل
هذه الامور توجد في الحزب وفي الدولة وفي المجتمع . وبما انها موجودة في
الحزب الذي هو الوسط الاكثر تجانسا , فكيف لا نتوقع ان تكون موجودة في
الدولة وفي المجتمع اللذين هما اقل تجانسا من الحزب , لان المجتمع في حركته
, خارج الدولة وخارج الحزب , تكون نهاياته سائبة باطار من الحركة اوسع ,
لقلة الحاجة الى القوانين , التي تضبط مسارات حركته , حتى في فروعها
الصغيرة قياسا الى ما هو مطلوب في حياة الحزب الداخلية .ان تقديم
بعض الخسائر , لا يكون مطلوبا كجزء من التضحية والنضال في الظروف العمل
السري فحسب وانما علينا ان نقدم بعض الخسائر على طريق التطور والبناء في
العمل الايجابي , كذلك , فأول امراة عراقية رفعت الحجاب كانت اول ضحية من
اجل كل النساء العراقيات . واول عاملة دخلت المعمل هي اول ضحية من اجل كل
العاملات , وكذلك اول طبيبة واول محامية , واول ثوري صميم … الخ .وكما ان
للتعامل بصيغ الحق والعدالة اوساطه التي تتضرر به , في تفاصيل العمل اليومي
وترفضه , فكل الناس يبحثون عن العدل ويريدونه , وكذلك يفعلون الشيء نفسه
تجاه الاشخاص العادلين , ولكن عندما تصطدم العدالة بقضية بعضهم فان
المتضررين من تطبيق العدالة يسعون الى جعل المصدر المسؤول عن تطبيقها غير
عادل .. اما خارج حدود قضيتهم , موضوع البحث , فانهم قد يحبون العدل … الا
ان قضيتهم الشخصية التي تتعارض مع العدل هي التي تجعلهم يطلبون من الاخرين
ان يحيدوا العدل .فالعدل
واتباع الحق واجب انساني , تواجهه صعوبات حقيقة , في البيت وبين الاصدقاء ,
وفي الخلية الحزبية او في العلاقة مع الوزير , وربما في علاقة الوزير مع
المدير العام , او وكيا الوزراة . وقد يصل الانسان احيانا في حياته العملية
الى وضع نفسي يقول لنفسه فيه : ما دام الناس يريدون ان يحيدوا عن الحق ,
فلماذا اظل عادلا ؟؟ ومسلك كهذا هو بالتاكيد , انحراف . ويجب ان لا يكون في
منهجنا وسلوكنا على الاطلاق , بل يجب لن نقبل قدرا من التضحية , من اجل ان
يترسخ الخط  الصحيح والعادل ويثبت لان هذا هو الطريق الثوريين الصميمين
المؤمنين بعدالة قضيتهم وبالشعب .وقد
اثبتت التجربة انه حتى الناس الذين تقسون عليهم بالحق , ويرفضوكم اول مرة ,
وينزعجون منكم , يحبونكم  بعد ذلك وعندما تكون القسوة مجردة النوايا
الذاتية , والتخطيط الذاتي للايذاء , فأنهم سيتقبلونها , مهما كان وقعها ,
واحيانا يتقبلون جانبا منها حتى عندما تكون خاطئة … شرط ان لا تكون مرتبطة
بغرض ذاتي , ولا بايذاء وان لا تكون نهجا ثابتا .وهناك
امثلة عديدة في حياتنا العملية على ذلك , اذ يحدث ان نقسوا , احيانا , على
بعض رفاقنا ونخطئ بحقهم , ومع هذا نجد ان رفيقنا الذي اخطأنا في تقدير
الموقف تجاهه يأتي ليشتكي لذينا نحن الذين اتخدنا بحقه اجراء كهذه فهذه
الروحيى اذن اثبتت من خلال التجربة , ان الانسان , في جوهره , يريد العدالة
, حتى عندما تؤذيه العدالة . لان غالبية الناس انما ينتفعون من العدالة
وتحقيق مصالحهم الحقيقة , والقلة الخاصة من الناس هم الذين برفضونها , وهذا
هو الكسب الذي نحققه مع الزمن .تذكروا
ايه الاخوة , ان اي انسان سيتلمس غرضكم الشخصي , مهما حاولتم ان تخفوه ,
عندما توجهون اليه اذى ما , لان كل خلية في وجوهكم تعبر عن ذلك , ولا
يمكنكم اخفاءه , فكما ان الحق ينطق من موقعه ايضا . بما يجعله ظاهرا وغير
مخفي , ومهما جمعت حولك من ناس عن طريق الترضية , فأنك ستفقدهم حتما , لانك
لم تجمعهم عن طريق الرضا , وان اقول لكم هذا من خلال تسلمي لذلك التجربة ,
ومن خلال عملنا في الحزب وفي الدولة , لان التجميع بالترضية اساسه
الانتفاع الشخصي , او المصلحة الذاتية , ليست مادية بالضرورة اذ توجد مصالح
ذاتية غير مادية , فالتجميع اعتمادا على الترضية والمصلحة الذاتية – اذن –
سينفرط حتما مع تناقض المصالح الذاتية او عدم انسجامهما فحاولوا ان تزرعوا
هذه الروحية لدى الجميع , ايها الاخوان , وان تهتموا بها .انني
الاحظ التطور الذي يحصل الان , والمس مدى اختلاف الوضع الراهن قبل ثلاث
سنوات , وقبل سنة … وسيصبح بعد سنة مختلفا عما هو عليه الان , ولكننا سنبقى
نطالب بالمزيد ونعمل من اجله فعليكم بالاهتمام بالتوعية وبنقل تجربتكم الى
الطلاب والتلاميذ وتفاعلوا معهم , واحترموا اراءهم واشرفوا على شؤونهم
بشكل جيد , وبالتفصيل … لانهم عينات من الواقع لا يمكنكم الاستنغاء عن
مشاهدتها , والتعامل الحي معها . لا يجوز لاحد منا ان يحاول التصور ان
بامكانه عن الاخرين ممن هم دونه , اذ بمجرد ان يمتلكه هذا الاحساس , فأنه
سينتهي , مهما كان مستواه الثقافي والنضالي وسينضب ويتلاشى , لانه , في مثل
هذه النظرة , سيقطع عنه روافد التقوية , وروافد الاستزادة من المعرفة ومن
شروط واسس التفاعل والتطور الصحيح .لا يوجد
تناقض بين الديمقراطية وبين المشروعة , فلا يتصور احدكم ان الديمقراطية
تضعفه اة تفقده هيبته او سيطرته المشروعة … لان هذا غير صحيح , اذا لا يوجد
تناقض بين ممارسة الدايمقراطية وبين السيطرة الادراية المركزية المشروعة ,
وفق التوزان المعروف بين المركزية والدايمقراطية , وان المركزية , بين
الرعاية والتعامل الاخوي والرفاقي , وبين المحافظة على الدور ان
الدايمقراطية تقوي العلاقات بين الناس , وصيغتها الاساس في القوة , هي
الاحترام , اذ تأخذ القوة النابعة عن الدايمقراطية صيغة الالتزام العالي في
تنفيذ الاوامر بدقة وبحماسة كبيرة , ولا تكون القوة في هذه الحالة شخصية ,
وانما هي حالة وقدرة مبدئية وموضوعية … ةهذه هي قيمة اساسية في التفاعل
والعلائق الدايمقراطيةبين الاعلى والادنى , فاحرصوا عليها , لانها مصدر قوة
حقيقة لكم , وكل الصور الاخرى للقوة زائفة ومرتبطة بحالة وزمن خاصين , ما
ان ينتهيا حتى يجد صاحبها نفسه مجردا من كل الاسلحة , وغير قادر على الصمود
امام ابسط الناس واصغرهم , واتفه الحالات واقلها تعقيدا .اهتموا
بطلبات المواطنين وشكاواهم ولا تتعبوا او تملوا من ملاحقة هذه الطلبات ,
لانكم اذا ما انقدتم انسانا مظلوما , بقدر جزئي او كلي , تكونون قد اديتم
خدمة كبيرة لهذا الشعب ولمبادئ حزبكم , ان الاحساس بالظلم شيء خطير , وليس
ثمة اخطر من انسان يحس بأنه مظلوم , لانه سيتحول الى طاقة انفجارية , رهيبة
عندما يشعر ان احدا لا يقف الى جانبه , ويرفع عنه الظلم , في الدولة او
المجتمع . فعليكم ان تتعاملوا مع الشعب بما يرضي الله والمجتمع , ويرضي خطط
حزبكم وثورتكم , ويجب ان لا يتأثر احدكم من الحق , وتحملوا ردود الفعل غير
المشروعة من اجل الحق , ومن اجل القيم الكبيرة التي ترسخونها والتي
تناضلون لترسيخها .