بسم الله الرحمن الرحيم
حزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
قيادة قطر العراق وحدة حرية اشتراكية
بغـــزو العــــراق اكتملــت شـــروط التغـــول الصهيــونــــي
تقف قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي
الاشتراكي اليوم امام مرحلة فاصلة وخطيرة في حياة الامة كلها تفرض القيام
بنظرة عميقة وشاملة وموضوعية ايضا لواقعنا بخلفياته وحاضرة ومستقبله،وصفقة
القرن التي اعلن عنها ترامب مؤخرا والتي حاول فيها ضم اخر ما تبقى من
فلسطين الى الكيان الصهيوني حدث خطير وان كان ليس بالمفاجئ،ونجد اصوله في
وعد بلفور وما تلاه من احداث متعاقبة! لذلك فان الرؤية الصائبة تحتم التعرض
لما يجري بالتفصيل، لاجل رؤية ترابط الاحداث المتعاقبة عضويا خلال اكثر من
قرن :
١ – بالعدوان الاسرائيلي في عام ١٩٦٧
ابتدأت خطوات نوعية تنفذ من اجل تصفية القضية الفلسطينية والاعداد لتدمير
او غزو اقطار اخرى او تحويلها الى بؤر كوارث تشبه كارثة فلسطين واكثر
احيانا،فبدأت لعبة التفاوض اللانهائي حول فلسطين، وفي حين ان الغرب والكيان
الصهيوني كانا يعرفان ان التفاوض لم يكن وسيلة لحل الصراع بل كان لعبة
لسرقة الوقت وتجريد العرب من حقوقهم ،فأن الانظمة العربية فشلت في اكتشاف
هذه الحقيقة واعتقدت بانها تعمل من ( اجل سلام عادل ) ! واستمرت اللعبة الى
ان تغيرت موازين القوى الاقليمية والدولية لصالح الكيان الصهيوني وامريكا
فتنصل الكيان الصهيوني من كافة التزاماته مع من وقع معهم اتفاقيات تطبيع
رسمية،وتخلت امريكا عن قرارات مجلس الامن دعما لاسرائيل والتي تبنتها
سابقا.
٢ – ولو امعنا النظر فيما جرى للاحظنا
بسهولة ان عملية التنصل الصهيوني والغربي من التزاماتهما تجاه القرارات
الاممية اخذ يظهر رسميا وبقوة جامحة بعد حرب عام ١٩٩١ ضد العراق ثم غزوه في
عام ٢٠٠٣ فقد كان العراق هو العقبة الاكبر الاخيرة امام التوسع الصهيوني
والدعم الامريكي المطلق له لان العراق كان بدعمه الكامل للحقوق الثابتة
للشعب العربي الفلسطيني وامتلاكه لجيش كان الاقوى في التاريخ العربي الحديث
وضع الكيان الصهيوني امام تحد لم يألفه سابقا خصوصا عندما اسقط العراق (
نظرية الامن الاسرائيلي ) ، وطور قدرات علمية وتكنولوجية اقلقت الغرب
والصهيونية فتبلورت قناعة غربية صهيونية بان كل خطوات القرن العشرين الخاصة
بتنفيذ المشروع الصهيوني مهددة بالانهيار ما لم يسقط النظام الوطني في
العراق،وكان تأميم النفط احد اهم عوامل معاداة الغرب للعراق لانه سخر
موارده لخدمة النهضة العربية الحديثة والتي كان العراق انموذجها المشع
،فجاء قرار غزو العراق وتدميره بصفته الخطوة الاخطر في صفقة القرن لانه جرد
العرب من القوة التي كانت الرادع الفعال والامل في تحرير فلسطين.
٣ – لجأ الغرب والصهيونية الى خطة بديلة
وهي اطلاق قوة تتبرقع بالدين من ايران كي تنفذ خطة عجزت الصهيونية والغرب
عن تنفيذها طوال عقود وهي تفتيت العرب من الداخل بأشعال الفتن الطائفية
والعنصرية مما يؤدي الى انكفاء كل قطر على نفسه لحماية وجوده من التشرذم،
ولعبت ايران الدور الرئيس في هذا المخطط لامتلاكها اتباعا داخل العديد من
الاقطار العربية،وكان اشغال العرب بالتحدي الايراني الخطير هو العامل
الحاسم في اقدام الكيان الصهيوني والغرب على التنصل من الالتزامات الدولية
تجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، فايران اجبرت العراق الذي كان يقود
النضال القومي من اجل فلسطين على مواجهة حرب مفروضة عليه فتغيرت اولوياته
بعد ان صار الهدف التالي لفلسطين في خطوات صفقة القرن وتركز جهده الرئيس
على حماية الكيان الوطني العراقي من المخاطر الكبيرة الخارجية والداخلية.
وغذى الغرب انغماس العرب بحماية
كياناتهم القطرية من الغزو الخارجي والارهاب الداخلي بدل البقاء متفرغين
لدعم القضية الفلسطينية فتوافقت خطط الغرب والصهيونية مع خطط ايران
التوسعية ونتج عنها وضع اصبح فيه العرب يتعرضون لحروب اكثر خطورة وهي التي
نواجهها الان.وهكذا وبعد ان اغرقت سوريا وليبيا واليمن بعد العراق في حروب
وازمات طاحنة خلت الساحة للكيان الصهيوني ولداعميه الغربيين كي يتمادوا في
ضم الاراضي والتنصل من الحقوق الفلسطينية الثابتة،فانشغال الرادع العربي
الوحيد المتبقي لاسرائيل بصد هجمات ايران الخطيرة وهو العراق كان على حساب
فلسطين رغما عنه!
٤ – ومن خلال هذه القراءة نلاحظ بوضوح
بان الدور الايراني في تسهيل خطوات صفقة القرن وامرارها بلا مقاومة شديدة
اخطر من الدورين الاسرائيلي والامريكي لسبين : الاول هو ان ايران احتلت
اربعة اقطار عربية ثلاثة منها اساسية في الصراع وهي العراق وسوريا ولبنان
والرابع هو اليمن وحركت خلاياها النائمة في غيرها ،ومن هذه الحقيقة ينبع
السبب الثاني وهو ان العرب غيروا اولوياتهم في الصراع بعد ان وجدوا انفسهم
امام خطر مميت في اقطارهم ذاتها تمثل في احتلال ايران العراق ولبنان واجزاء
من سوريا واليمن، واجبرت دول الخليج العربي على مواجهة خطر من داخلها ومن
خارجها،وتوضحت الصورة في المنطقة وفيها ظهر الكيان الصهيوني لايحتل الا
القسم الاكبر من فلسطين بينما ايران تحتل الاقطار التي ذكرناها وهي حالة
تحدي خطيرة تجبر كل طرف على حماية نفسه اولا لان من لا حماية له لايستطيع
الدفاع عن غيره.
وبقوة بؤر الازمات الخطيرة التي اوجدتها
ايران اصبح التحدي الايراني يفوق خطره ستراتيجيا الخطر الصهيوني في هذه
المرحلة التاريخية، ومما عزز الدور الايراني الاقليمي الدعم الامريكي
والاوربي له بطرق مختلفة رايناها في تسليم امريكا العراق الى ايران ودعمها
لانشاء الحشد الشعبي وتعاميها عن الخطر الحوثي في اليمن ثم مساواة الحوثي
بالحكومة الشرعية رغم انه وطبقا لقرارات مجلس الامن طرف انقلابي فرض نفسه
بالقوة.واضيفت اللامبالاة الصينية والروسية الى البيئة المتواطئة مع
امريكا، وبتفاعل كل تلك المواقف كانت الثمرة السامة هي تعاظم الغزو
والهيمنة الايرانية بصورة لم يسبق لها مثيل ففقدت بعض الانظمة العربية
البوصلة واختارت الحماية الصهيونية والامريكية من خطر ايران! فرأينا عمان
والامارات العربية والبحرين تدعم صفقة القرن وتحضر مراسم اعلانها في دعم
غريب للموقف الاسرائيلي!رغم تبلور حقيقة ان امريكا والصهيونية كانتا وراء
ايصال نظام الملالي للحكم وتمكينه من التوسع واحتلال العراق ثم تسليمه
لايران.
فهل يمكن تخيل امكانية وقوع الذي نراه
الان من كوارث عربية بدون غزو وتدمير العراق؟ وهل يمكن لاعمى ان لايرى ان
غزوات ايران اتاحت الفرصة الاعظم لاسرائيل كي تنفذ خططا كانت عاجزة عن
تنفيذها في مرحلة ما قبل تنصيب خميني حاكما على ايران واسقاط النظام الوطني
في العراق؟ ان ام الحقائق التي لابد من رؤيتها عند محاولة فهم الوضع
الحالي هي انه بازالة العقبة التي كانت تمنع الكيان الصهيوني من التوسع
الاقليمي وهي العراق اصبح ممكنا الانبطاح ليس لامريكا فقط بل للكيان
الصهيوني حرصا على تجنب الخطر الايراني.٥ – ان حزبنا اذ يذكّر بكل هذه
الحقائق والتي يعتم عليها بطروحات خطيرة ومضللة،منها ( ان القضية
الفلسطينية مازالت قضية العرب المركزية وان ماعداها مثل الخلافات مع ايران
ازمات وحروب لاتخدم العرب وان عليهم تجنبها ) ،ينبه الى ان ذلك هو البند
الاساس في الدعاية الايرانية والتي يرددها بعض العرب، وفيها يبدو العرب
كأنهم من اختاروا الحروب والازمات مع ايران وهذا عكس الواقع فهي التي
فرضتها علنا ورسميا تحت غطاء ( تصدير الثورة الاسلامية ) او ( حماية الشيعة
في العالم ) كما ينص دستورها، فاصبح التأكيد على اولوية القضية الفلسطينية
ومركزيتها وسيلة متعمدة لابقاء العراق وسوريا واليمن ولبنان تحت السيطرة
الايرانية وتعميق قلق بقية الانظمة العربية من الخطر الايراني الداهم !
ان حزبنا الذي تشرف بانه اول من شخص
القضية الفلسطينية بصفتها قضية العرب المركزية وقدم الشهداء من اجلها يؤكد
الان وبعد كل التحولات العميقة بان الامة العربية الان تواجه حالة تعدد بؤر
الكوارث الوطنية والقومية الجديدة في العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا
ناهيك عن كارثة الاحواز ،ولم تعد كارثة فلسطين هي الوحيدة الان فالعرب
يواجهون كوارث داخل اقطارهم بعضها اخطر من كارثة فلسطين، بل ان الكارثة
العراقية والسورية اخطر بكثير من كل ما واجهه العرب في تاريخهم الحديث.
٦ – ان وصف ما يجري منذ غزو العراق بأنه
صفقة القرن لايخلو من الصحة، فصمت الصين وروسيا على جريمة غزو العراق
لايمكن تفسيره الا على انه ترك امريكا ومن ومعها تغزو العراق وتتمادى في
تدميره وابادة الملايين من شعبه وتشريد عدد اكبر من مجموع الشعب الفلسطيني
ولاجئيه وهو نفس حال سوريا، ثم تنشر الفوضى التدميرية في اغلب الاقطار
العربية، دون تحرك روسي او صيني بمستوى الكوارث ،وهي حقيقة اعترفت بها
روسيا وقررت تصحيح خطأها بالتصدي لامريكا في سوريا دفاعا عن المصالح
الروسية.فهي صفقة روسية وصينية مع امريكا وان كانت ضمنية، وهي صفقة امريكية
اوربية لان الاتحاد الاوربي اكتفت دولتين منه وهما فرنسا والمانيا برفض
غزو العراق لكن خطواتهما الفعلية وخطوات الاتحاد الاوربي العملية تجاه غزو
العراق كانت هزيلة وهو ما يعد ايضا تواطؤ مع الصفقة، وكذلك الانظمة العربية
التي ركعتها التهديدات الايرانية او وجدت فيها غطاء لانبطاحها امام الكيان
الصهيوني وامريكا هي صفقة ايضا.
من هنا فان ما يجري هو خطوات متعاقبة في
صفقة القرن ولكنها لم تبدأ بخطة ترامب فهي تكمل ما سبقها منذ وعد بلفور
وانشاء الكيان الصهيوني، وعدوان عام ١٩٦٧ وصدور قرار الاختراق الاول للعرب
وهو قرار مجلس الامن رقم ٢٤٢ ، وزيارة السادات للقدس واعترافه باسرائيل
وايصال خميني للحكم وشنه الحرب على العراق وزجه في ازمة الكويت وفرص الحصار
المميت عليه وتتويج كل تلك الخطوات بغزو العراق وتدميره ،انها كلها خطوات
في صفقة القرن ومن يفصل خطوة ترامب الحالية عما سبقها يخدم خطط الصهيونية
وامريكا وايران، ويضلل العرب بدفعهم لدخول ازقة خانقة بدل الطريق الرحب
الذي يرون فيه كل الافاعي حولهم.
ان حزبنا وهو يعرض هذه الصورة الواضحة
التفاصيل لكوارث الامة العربية يؤكد على انها تلزمنا ان نخوض نضالا شاملا
على مختلف جبهات بؤر الكوارث بعد ان اصبحت لدينا قضايا مركزية متعددة في
مقدمتها غزو العراق ونضاله من اجل التحرر كما اكد الرفيق القائد عزة
ابراهيم مرارا ، وكذلك كوارث سوريا ولبنان واليمن وليبيا والاحواز المحتلة
والقضية الفلسطينة وهي الاولى زمنيا، فكل هذه القضايا مركزية من زاوية
ابناء كل قطر،فالعراقي من حقه اعتبار تحرير العراق قضية مركزية وكذلك
الفلسطيني والسوري واليمني والليبي .. الخ، والاعتراف بمركزية تلك القضايا
يضمن للامة نقاوة انتماءها القومي وعدم تشويهه بتفجير نزعات قطرية تهدم
الاسس الضرورية للعمل القومي ،وبدون الاعتراف بذلك لن تتحقق الرؤية القومية
ولا نصل لوحدة المصير فحالما نقدم قضية قطر على قطر اخر – خارج الضرورات
الستراتيجية – نفقد الصلة القومية العضوية وندعم التيارات القطرية وتلك
نتيجة تخدم ايضا ايران واسرائيل وامريكا ، وبناء عليه فان قيادة قطر العراق
لحزب البعث العربي الاشتراكي تعتبر وتؤمن بان قضايا الامة مع الامبريالية
والاستعمار والكيان الصهيوني وايران الصفوية كلها مركزية تتقدمها فلسطين
والعراق.
فلنصعد النضال ضد صفقة القرن الحقيقية
والتي تشمل كافة القضايا العربية، ولنعزز الترابط العضوي بين قضايانا
المصيرية من اجل انقاذ امتنا العربية، ولنقف معا متحدين ضد كافة اشكال
الغزو لاقطارنا.
قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي١ / ٢ / ٢٠٢٠
الاحد ٨ جمادي الثانية ١٤٤١ هـ ۞۞۞ الموافق ٠٢ / شبــاط / ٢٠٢٠ م