القائد المؤسس بين البعث و”حزب البعث”

ميشيل عفلق

نص البحثالقائد المؤسس بين البعث و”حزب البعث”بقلم : جلال الدين الشيخ زيادةالمقدمةلم تقتصر
البدايات الأولى للقائد المؤسس ميشيل عفلق واهتماماته على التركيز على
الطابع السياسي الحزبي، وإنما كانت ذات طابع فكري وأدبي ( 1 ) .. لذلك لم
يبدأ نشاطه الاجتماعي بتأسيس حزب سياسي، وإنما بدأ ببلورة مشروع فكري
وحضاري أنتجته معاناته وحواره مع ا لافكار السائد ة في أوساط الجمعيات
والمنتديات الفكرية والثقافية النخبوية في دمشق وباريس في عقد الثلاثينات.
كان تطلعه إلى أن يكون أكثر من مجرد كاتب أو أديب لامع برغم أنه كانت لديه
موهبة أدبية في كتابة القصة والشعر ( 2 ) .لذلك كانت معركته
الأولى تتمثل في حسم العلاقة بين الثقافة والسياسة.. حيث كان الفهم السائد
حينذاك.. ينظر الى المثقف كونه الشخص المترفع عن السياسة بكل ما كانت تحفل
به من خبث ومؤامرات ودسائس. فشرع في طرح مفهوم جديد للثقافة والمثقف بحيث
ترتبط الثقافة بالحياة وواقع المجتمع وتطلعاته، وأحدث ثورة اخرى في مفهوم
السياسة بحيث ترتبط بالأخلاق والترفع وقيم الرسالة. فجاءت المرحلة التي
دشنتها حركة نصرة العراق عام 1941، وبعد أن ترك مهنة التدريس في عام 1942
ونذر نفسه لمشروع حضاري كبير تبلور في ذهنه ووجد انه بعد معاناة كبيرة، ثم
أعقبتها تكوينه فرق الجهاد الوطني لمقاومة العدوان الفرنسي، بعد تأسيس حركة
الإحياء العربي ( 3 ) ، وصولا الى تأسيس الحزب وكان في كل ذلك القائد
المبادر.كان القائد
المؤسس يميز بين المبدأ كروح والمبدأ كذهن.. لهذا لم يحفل في بادىء الامر
بصياغة نظرية كاملة وتصور فلسفي لم تنجبه ارض الواقع والتجربة.. وانما كان
شديد ا لايمان بان المعاناة وخوض التجارب النضالية هي التي تصقل الانسان
وتولد الابداع وتبلور النظرية الحية وأن تحقيق عمل يسير افضل من أعظم نظرية
في بطوق الكتب والاذهان.تحدث في بادىء
الامر عن الحركة التاريخية وشروطها وعن الجيل الجديد وشروط تكوينه.. وانتقل
لذلك من الثقافة النظرية الى العمل الثقافي والسياسي في شكل مشروع حضاري
انساني شرطه الأخلاق.. وميز بوضوح منذ البدء بين ( البعث ) كغاية والحزب
كوسيلة.. ووضع الشروط الصارمة لهذا الحزب لكي يكون حزب بعث.لكل ذلك وضع
البعث فوق الحزب، والحزب فوق الثورة، والثورة فوق السلطة والدولة ( 4 ) ..
والجماهير هي الأصل والمرجع.. وهي البعث ذاته في حالة نهوضها وانبعاثها..وحدد الغايات
البعيدة للعمل الحزبي والنضال السياسي كونه أداة تربوية.. بحيث يجب أن لا
يتحول الحزب إلى غاية في ذاته وينسى اصل مشروعه النهضوي.. مهما تعقدت
الظروف السياسية وكبرت المعوقات وادلهمت الخطوب..تتضمن هذه الدراسة خمسة عناصر متكاملة تعالج نظرة القائد المؤسس ومفهومه لهذه العلاقة بين البعث وحزب البعث على النحو التالي:1 – القائد المؤسس بين الثقافة والسياسة.2 – المرحلة الحركية وشروط الحركة التاريخية.3 – المرحلة الحزبية وشروط ( حزب البعث ) .4 – دافع التحقيق وتجاوز الوسيلة الى الغاية ( من الحزب الى البعث ) .5 – التجربة الثورية النموذج والعودة الى مشروع البعث في العراق.القائد المؤسس بين :أولا: الثقافة والسياسة..لقد كان الدافع
الأول لنشطة البعث هو الدافع الحضاري، لذلك يرى القائد المؤسس أن الأمة هي
الأصل، والحزب وليد آلامها ومعاناتها وتشوقها الى النهوض والانبعاث..لهذا لم يبدأ
القائد المؤسس مشروعه النهضوي الحضاري الانبعاثي بتأسيس ( الحزب ) وإنما
اتخذت المسيرة التي بدأها صفة ( الحركة ) ، وكان يصر على وصفها بأنه (
رسالة لا سياسة ) لذلك أخذت الكتابات الأولى التي سبقت تأسيس الحزب طابع
المشروع الثقافي وليس البرنامج السياسي الحزبي..إن تلمس البدايات
الأولى للبعث كمشروع ثقافي ( والحزب ) الذي تأسس لاحقا كأداة لتنفيذ هذا
المشروع.. تكشف موقف القائد المؤسس من مسألة العلاقة بين الثقافة والسياسة
تلك القضية التي لا يزال يدور حولها الجدل وسط المثقفين العرب.. خاصة أولئك
الذين يحاولون الهرب من الالتزام بمبدأ ثابت أو عقيدة محددة بحجة الحفاظ
على حرية المثقف واستقلاليته، وكان المفهوم السائد للثقافة يقترن بالأدب
والفكر المجرد والطابع النخبوي المثالي في النظرة الى الحياة.. كما أن
الممارسة السياسية العربية وأحزابها التقليدية وما يكتنفها من مصالح
وأنانيات وممارسات لا أخلاقية كانت تعزز هذا الميل للفصل بين الثقافة
والسياسة.  ويأتي القائد المؤسس ليقلب هذا المفهوم رأسا على عقب ويطرح معنى
جديدا للعلاقة بين السياسة والثقافة، فاضحا الطابع الهروبي والتبريري
المجرد للمفهوم السائد للثقافة العربية آنذاك.. ويبدأ المؤسس معركته في عام
1943 بطرح السؤال: كيف يجب أن نفهم الثقافة؟ ويجيب: “هي أولا مشاركة في
الجهد. وليست انفعالا وتكيفا.. ( وأن ) على الشعب العربي أن يفهم الثقافة
بأنها نوع من أنواع النضال، النضال مع النفس، النضال مع الفكر لكي يتعب في
تحصيل المعرفة ولكي يجرؤ على تبديل الأسس السطحية في التفكير الشائع التي
هي في داخله، لكونه ابن وسطه، لكي يعيد النظر في كل الأمور الأساسية حتى
يصل الى النظرة الجديدة” ( 5 ) “فالثقافة ليست شيئاً جامدا يدخل على الرأس
ويستقر وإنما هي حركة وحياة تتفاعل مع الشخص، تؤثر فيه، لها حاجات ومطالب
ومستلزمات، ولها وسط تنبت فيه وتتخذ معناها.. ( فهي ) تعبير عن حياة
حقيقية” ( 6 ) .لهذا فأن الجيل
الجديد – كما يرى المؤسس – يشترط وجود فهم معين للثقافة ونوع معين من
المثقفين متحررين من وهم الثقافة الاصطلاحية ( 7 ) ذلك لأننا لا نريد أن
تبقى الثقافة غاية في نفسها، بل وسيلة لتقويم الأخلاق وتنشئة مناضلين في
سبيل البعث العربي ( 8 ) .كما أن العقيدة
لا تكتسب مبررها الوحيد – وهي الحرية – إلا إذا استطاعت أن توازن وتعادل
القوى الواقعية الفاسدة الراهنة – واكثر من ذلك أن تتفوق عليها وتنتصر..
ولا يمكن أن تنتصر على القوى الفاسدة بالكلام ( … ) وانما بالعمل
الايجابي.. ولولا ذلك – كما يقول المؤسس:”لما جعلنا حزبنا
منذ اليوم الأول لتأسيسه حزباً سياسيا”، ويضيف قائلا: “مازلت أذكر أن
الكثيرين ممن كانوا يغارون على البعث أو يظهرون الغيرة عليه أخذوا يتساءلون
عندما ظهر الحزب بالقول: لماذا اخترتم هذا الطريق وأنتم جماعة مثقفة خيرة ؟
لماذا لا تكونون حركة لنشر الفكر والتبشير؟ بل ربما كان بعض الأعضاء الذين
دخلوا الحركة في أول عهدها قد أخذوا بهذا الوهم أو الخطأ.. وقد أجبنا
المتسائلين بأن الصفة السياسية التي حرصنا على أن تكون أصيلة في الحزب منذ
أول تأسيسه، ومنذ ولادته هي امتحان لجديته ولواقعيته، وهي درء لشتى الأخطار
التي تتعرض إليها الفئة المثقفة كالخيالية والمثالية والجبن الذي يتستر
بالمبادىء وفقد ان الرجولة” ( 9 ) . “ولكل ذلك جعلنا السياسة امتحاناً
للإيمان والمثالية” – كما يقول المؤسس ولكن “لم تكن السياسة غاية في أي حال
من الأحوال” ( 10 ) “لأن مصيرنا في هذا العصر يتعين ويتقرر بالفكر والنضال
معاً.. إذ أن الميزة التي سمحت لهذا الحزب بأن يقوم بدور أساس في حياة
شعبنا كان لأنه جمع الفكر الى النضال” ( 11 ) . كما أن الثقافة يجب أن تكون
سلاحا في يد الثورة.. “لأنها تنقل الثورة وتنقل الآمال والأهداف الثورية
من حيز العواطف والتمنيات المبهمة الى درجة الوعي الواضح والمنظم والمخطط “
( 12 ) ..هذا الوعي هو
الذي جعل القائد المؤسس يرفض أن يكون مجرد كاتب أو أديب أو فيلسوف ينتمي
الى النخب الثقافية العربية التقليدية التي كانت منتشرة آنذاك.. لذلك يكتب
في مجلة ( الدهور ) في عام 1936 قائلا: ” إن أصدق مرآة للنفس الانسانية هي
الاعمال ولا أكتمك أنني كلما فكرت أن أكرس نفسي للكتابة.. أخجل من نفسي” ( *
) .تلك كانت بداية
ثورة في مفهوم الثقافة والمثقف.. نقلتها من الطابع النظري المثالي الى
المعنى العملي الميداني الشامل.. وهي ثورة في مفهوم السياسة بنقلها من
الطابع الانتهازي الاناني المصلحي المرتبط بالخداع والمناورات الى المعنى
الرسالي الاخلاقي الثوري الخلاق.ثانياً – مشروع البعث في طور الحركةكان القائد
المؤسس يدرك منذ البدء أن الحركات التي تنشأ في مجتمع ما، إما أن تكون
سطحية وقتية، وإما أن تكون جدية اصيلة.. وكلا النوعين لا بد أن يتأثر بظروف
المكان والزمان المحيطة به. ولكن نوعية هذا التأثر بظروف الزمان والمكان
هي التي تعين نوع الحركة فإذا كان تأثر الحركة منفعلا سلبيا، استنفد كل
إمكانياتها وقواها حتى تغرق في ظروفها.. عددناها من الحركات السطحية الآنية
العابرة، وإذا استطاعت الحركة أن تتأثر بالظروف المحيطة بها دون أن تغرق
فيها، بل تحتفظ بالسيطرة عليها لتوجهها كانت من الحركات الجدية الاصيلة.وفي عام 1950 كتب
المزيد عن شروط هذه الحركة بالقول: “أنني أستطيع تعريفها بأنها الحركة
التي تستطيع أن تسيطر على الظروف، وهذا يعني أن كل ما يجري في بلاد العرب،
وكل ما ينشأ فيها ويظهر ويعمل من أحزاب وتكتلات وقوى سياسية تتصف بالصفة
المعاكسة تماما، وهي أنها كلها خاضعة للظروف والأوضاع الاقتصادية
والاجتماعية والفكرية والنفسية. فالمشكلة بالنسبة للعرب هي أن يتمثل نزوعهم
الى الحياة والتخلص من هذه الاوضاع في حركة تستطيع أن تسيطر على الظروف
التي فشلت كل الحركات والجهود الأخرى في السيطرة عليها، فأصبحت مقوية
للفساد، ومدعمة له. لا لأنها في الأصل فاسدة أو ترغب في الفساد، بل لأن
بعضها لم يعد العدة الكافية لكي يسيطر على الظروف.. وأن تكون من الناحية
الفكرية في مستوى القضية التي تحاول حملها.. وهذا يعني أن التفكير الذي
تبنى عليه هذه الحركة، يجب أن يكون تفكيرا عربي ( … ) وأن يعالج جميع
المشاكل الأساسية التي تتعلق بحياة العرب والشعب العربي” ( 13 ) . كما
اشترط صفة الأخلاقية في هذه الحركة.. لذلك عبر عن هذه الفكرة بصفة (
الانقلابية ) “فالانقلاب قبل أن يكون برنامجا سياسيا واجتماعيا، هو هذه
الحركة الدافعة الأولى، وهذا التيار النفسي القوي، هذه المغالبة التي لابد
منها، والتي لا يفهم أي بعث للأمة بدونه ) ( 14 ) .والانقلاب العربي
كما يرى القائد المؤسس “لن يحققه أعضاء البعث وحدهم فهم ليسوا إلا الطليعة
التي سترشد الأكثرية من الشعب نفسه، وهذه الطليعة التي يجب أن تعد عشرات
الألوف هي الضامن لتحقيق الانقلاب.. وقانونها هو أن تنظر الى الحياة نظرة
جديدة، مختصرة قوية، أي أن تتحرر من كثير من الأثقال التي يحملها أفراد
مجتمعنا المريض، أثقال التعلق بالمادة والاعتبارات المعنوية الزائفة،
والأنانية والمنفعة الخاصة، وأن تصبح هذه الطليعة خفيفة في نفسها، أي أن
تكون متحررة من القيود غير عابئة بالمنافع وأسباب اللذة والراحة، خفيفة
أيضا في أسلوب عملها، كي تستطيع تحقيق الانقلاب” ( 15 ) .هكذا يصمم القائد
المؤسس حركته التاريخية ويضع شروطها.. منطلقا من “أن الشعب العربي تتقدمه
الطليعة الواعية المؤمنة.. سيمضي في نضاله التحرري التاريخي، سالكا الطريق
الذي اختطته الحياة لكل عمل صادق أصيل طريق الانبعاث من الداخل لتتكون
النفوس قبل الوسائل.. والعزائم قبل الأسلحة والتيار الحي الذي يخترق روح
الأمة، ويكشف عن كوامنها ويلامس حريتها في أعمق جذورها” ( 16 ) .وترجم المؤسس
مفهومه لهذه الحركة التاريخية الطليعية حينما أسس في عام 1941 ( حركة نصرة
العراق ) التي نظمت تظاهرة طلابية في اكبر ثانوية في دمشق ( مدرسة التجهيز
الأولى ) وذلك لدعم وإسناد ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941.ثم تتبلور لديه
فكرة التنظيم القومي الأعم.. وكانت النواة الأولى في عام 1942 باسم ( حركة
الإحياء العربي ) التي أصدرت عدة بيانات سياسية ( * ) تعبر عن مواقفها
السياسية من قضايا الأمة.. ثم تحولت الى اسم ( حركة البعث العربي ) في عام
1943 وظهر شعاره ( أمة عربية واحد ة.. ذات رسالة خالدة ) .وفي عام 1945
شكلت حركة البعث فرق الجهاد الوطني لمقامة العدوان الفرنسي على دمشق.. وفي
العام التالي 1946 أصدر المؤسس مع رفيقه صلاح الدين البيطار صحيفة ( البعث )
.. وفي عام 1947 انعقد المؤتمر التأسيسي ليظهر الى الوجود ( حزب البعث
العربي ) ويتم انتخاب القائد المؤسس عميداً له..ثالثا – من الحركة إلى الحزب ( مهمة العمل الحزبي وشروطه )كان المؤسس يرى
أن مهمة العمل الحزبي هي أن يهيء بصمت وصبر واستمرار لتلك الأيام النادرة
التي تتاح للأمة لكي تؤدي فيها امتحاناً، ولكي تظهر فيها ما اختزنته في
أيامها العادية، بفضل صبرها ونشاطها وتجرده ( 17 ) .ولهذا السبب عد
القائد المؤسس أن الحزب “هو ملك للأمة العربية وللمستقبل العربي وليس ملكا
لفرد أو أفراد ولا حتى ملكا لأعضائه المنتمين اليه” ( 18 ) . “ذلك لأننا
نعرف بأن الأمة هي الخالدة، وبأن جيلا يعمل ويمضي ويأتي بعده جيل، وأجيال،
وأن علينا أن نوفي قسطا من هذا الطريق.. وأن الأجيال لعربية تحتاج الى
عشرات السنين حتى تلحق بفكرتها.. ولأن هدف البعث هو توحيد الشخصية العربية
قبل توحيد الأمة العربية”.. لذلك يرى المؤسس أن العمل الحزبي المنظم هو
المجال المناسب لخلق الانسان العربي الجديد.. لذلك يقول: “في حزبنا لا ترد
المحاذير التي ترد في الأحزاب الشيوعية إذا نحن بقينا أمناء لمنطلقاتنا..
فالتربية لا يدخلها الاصطناع وقولبة الشخصية بحيث يفقدها الحرية والابداع،
ولكنه ينقذها من التسيب والميوعة والضياع والفردية التي تشل الحرية
الغربية” ( 19 ) . “وأن أهم مقياس للنجاح في نظر حزبنا هو أن نرجع الى
الجماهير، الى جماهير شعبنا بين الحين والآخر، ونحن نعيش مع هذه الجماهير،
ضمنها ومن داخلها ونتعاون معها ولكن بين الحين والآخر، علينا أن نوقظ حس
النقد والمراقبة فيها، لنرى الى أي حد هي راضية؟ والى أي حد متفاعلة قلبا
وقالبا مع مسيرة الحزب ؟ والى أي حد تقدم وعيها؟ والى أي حد نمت كفاءتها
نتيجة الممارسة والمشاركة ؟ هل تتلقى الخدمات من الثورة وتشكر؟ أم أنها
تشارك في صنع الخدمات.. وهذا الانتاج وهذا التقدم؟ هل تشعر بأن الحزب شيء
أعلى منها يعطيها؟ أم تشعر بأنها هي الحزب؟ وبأنها لا تأخذ من أحد وإنما هي
تنتج وهي تعطي للأمة. إن الجماهير هي الأساس.. هي الأصل هي القوة الحقيقية
الثابتة والدائمة.. فعندما نطمئن الى أن الجماهير تشارك وتزداد مشاركتها
يوما بعد يوم وسنة بعد سنة، وبالتالي أن الأمة ترتقي” ( 20 ) .وكان يرى أن
الحزب مفجر الثورات “هو فوق الثورات.. وإذا أخطأت الثورات فالحزب موجود لكي
يصحح” ( 21 ) ولكي يقوم الحزب بهذا الدور.. “لا بد أن يجدد الحزب ذاته..
وأن يعود الى أصل مشروعه ومبادئه، لأن الحزب الذي يضطلع بمهمة تاريخية في
سبيل بعث أمة، لا يخاف من أن ينتقد ذاته وأن يرى أخطاءه لأنه يعرف أن هذا
شرط أساس من اجل أن يصحح سيره وأن يسرع في تحقيق أهدافه” ( 22 ) .رابعاً – دافع التحقيق وتجاوز الوسيلة نحو الغاية ( الإرادة وعبء النهضة )كان من الواضح أن
اتجاه المؤسس لخلق حركة أو حزب هو من اجل وضع مشروع البعث النهضوي موضع
التطبيق والتحقيق، وتحويله من مجرد أفكار وشعارات عامة إلى واقع في حياة
الشعب العربي. لذلك كتب يقول: “إن التحقيق هو أقوى شيء في حياة الإنسان،
وأن تحقيق عمل بسيط هو أقوى من اكبر فكرة تبقى في مجال الذهن والوهم.. لذلك
علينا أن ننطلق متحررين من عبودية الكلام واللفظ وكل ما هو خيالي، باهت،
عقيم، وأن ننشد حياتنا في العمل الخلاق.. فالأفضل لنا أن نتنازل عن شيء من
كمال الصورة الأولى لفكرتنا.. شريطة أن تدخل في العمل وتتجسد، وتتحقق من أن
تكون لنا فكرة كاملة وأن تبقى على الورق” ( 23 ) .وذلك لأنه كان
يدرك أن الحياة الجدية “ليست احتيالا.. وأنه لا يبقى من التاريخ إلا
الصحيح.. وهو ما يستحق البقاء، وهذا لا يحتمل الاحتيال والخدعة.. ولأن
الأمم لا تستقل ولا تتربى ولا يرهف حسها، ولا تعلو روحها وتتعمق ويتفجر
فيها ينبوع العمل والبناء والخير والفداء.. إلا إذا عانت بنفسها وعلى
حسابها ودفعت ثمنا مساويا لما تطلبه من الحياة” ( 24 ) ، “كما أن الوحدة
ليست عملا آلياً يتم من نفسها نتيجة الظروف والتطور.. فالظروف قد لا
تخدمها.. والتطور قد يسير معاكسا لها نحو تبلور كاذب للتجزئة فهي بهذا
المعنى فاعلية وخلق.. ومغالبة للتيار.. وسباق مع الزمن أي أنها تفكير
انقلابي وعمل نضالي”..  وبدافع التحقيق والتجسيد للفكرة دخل البعث في مشروع
وحدة 1958 مع مصر كبعث ولم يتصرف كحزب لأن الشروط التي فرضت على الحزب من
عبد الناصر كانت كفيلة بضياع فرصة الوحدة لو تمسك القائد المؤسس بحزبيته
على حساب بعثيته.. لذلك يرد القائد المؤسس على الذين عدوا قبول الحزب بحل
نفسه للدخول في الوحدة مع مصر كشرط من عبد الناصر بأنه كان خطأ بالقول: “إن
مبرر الخطأ الذي وقع فيه الحزب عندما قبل بحل تنظيمه في سورية. هو هذا
الحرص على الوحدة العربية، وعلى أن تصبح في ذهن كل عربي وفي ضمير كل عربي
وأن تصبح حقيقة واقعة وأن تصبح شيئا قابلا للتحقيق.. لذلك فإن كل الأخطاء
والانحرافات والمآسي التي نتجت عن الوحدة لا تعادل جزءا صغيرا من الكسب
الكبير الذي نتج عن تحقيق الوحدة” ( 25 ) .خامساً – من تجربة الحزب في العراق إلى المشروع النهضوي ( البعث )كان قيام ثورة 17
– 30 من تموز فرصة كبيرة للحزب لوضع مشروعه موضع التطبيق، وبناء نموذج
مجسد لهذا المشروع يتجاوز الأخطاء، ويستفيد من الدروس السابقة التي مر بها
الحزب والأمة العربية. ومما زاد من فرصة هذه التجربة على التحقيق والاقتراب
من مشروع البعث، هو بروز القائد المجدد صدام حسين، وصياغته نظرية العمل
البعثية.. وتكامله الفريد مع القائد المؤسس في هذا الاتجاه. لهذا عبر
القائد المؤسس عن طموحه وثقته بهذه التجربة ودور الحزب فيها للاقتراب من
البعث – المشروع- فكتب في عام 1974 “لم يعد الحزب بعيدا عن الجماهير.. بل
أصبح قريبا جدا، ونرجو أن يأتي اليوم الذي يزول فيه الفرق بين الجماهير
وبين الحزب.. فتشعر الجماهير أنها هي البعث العربي، هي الأمة العربية في
حالة البعث والنهضة” ( 26 ) .وبعد أن تبلورت
تجربة الحزب في العراق، وتحولت الى قاعدة محررة للثورة العربية ونموذج
نهضوي يجسد مشروعها.. وبعد أن تكامل الوضوح الفكري والنظري للبعث ورؤيته
للمستقبل.. وبشكل خاص.. بعد أن أوضح القائد المؤسس بجلاء خصوصية نظرة البعث
للعروبة والإسلام.. والنظرة العلمية الحضارية للتراث العربي ومع نضج الطرف
الذاتية والموضوعية في الواقع العربي شرع القائد المؤسس في طرح المشروع
النهضوي العربي الحضاري على مستوى ( البعث ) وذلك من خلال حوار العمل
المستقبلي مع قوى الأمة الحية.. بأحزابها وتياراتها وقواها المختلفة. لذلك
كتب يقول: “وبعد أن ثبتنا حقنا في حرية اختيار الطريق الى الثورة، وفي حرية
فهم ماضينا وتراثنا.. لم نعد نعتبر أن ثمة مشكلة تقوم بيننا وبين الذين
يلتقون معنا في الأهداف كلها أو بعضها ويختلفون عنا في طريق الوصول الى تلك
الأهداف.. إذا كانوا يحترمون حرية اختيارنا وخصوصية طريقنا ” ( 27 ) .وبهذا افتتح
القائد المؤسس مرحلة جديدة من النضال القومي يتجاوز فيه النظرة الحزبية
الضيقة إلى مستوى البعث كمشروع لكل الأمة لأنه كان علي يقين بأن الوحدة
الحقيقية “هي التي تولد من التنوع ومن التعدد ومن الرأي الحر ومن الجواب
الجدي هذه الوحدة الراسخة، هي الوحدة الحية التي يكتب لها البقاء والثورة
العربية ليس أمامها إلا هذا الطريق – كما يقول – بعد أن رسخت هويتها
واستقلاليتها واكتشفت طريقها الخاص بين ثورات العصر. لذلك لم يعد من خوف
عليها أن تنفتح وتتحاور وتغتني بالرأي المخالف وبالإرادات الحرة” ويضيف:
“هذا هو مستقبلنا الآن، هذه هي المرحلة الجديدة” ( 28 ) ، “فنحن نرى أن من
الطبيعي في أوضاع التجزئة الراهنة أن تتعدد التجارب الثورية في المجتمع
العربي وتتنوع، ننظر اليها كأنها تجربة واحدة متعددة الجوانب متكاملة
الأجزاء، وأنها مكملة لتجربة الحزب، لا منافسة له، ومن واجبها أن تتكامل
وتتفاعل في سبيل تعزيز وحدة النضال ونضال الوحدة” ( 29 ) .وكذلك لأن القائد
المؤسس كان يدرك “أن القضية القومية أصعب وأكثر تعقيدا من أن يستطيع تيار
واحد أو حزب واحد أن يفي بحاجاتها وأن يقوم بحلها أو يستوعبها.. إذاً هي
بحاجة الى جهود الجميع، والى آراء ووجهات نظر مختلفة تتكامل ويصحح بعضها
بعضا “.. كما أنه كان يدرك “أن كل خلاف بين الأحزاب يجب أن يقف أو ينتهي،
إذا تعرضت سلامة الوطن للخطر، هذا إذا لم تكن سلامة الوطن نفسها هي سبب
الخلاف ” ( 30 ) .أم المعارك تكتب أفكار عفلق من جديد ( العودة إلى خط البداية )بهذا الأفق الرحب
صاغ القائد المؤسس مشروع البعث الحضاري لكل الأمة العربية، وعمل على بناء
الحزب كأداة لهذا المشروع. إلا أنه لم يجعل من هذا الحزب معادلا موضوعيا
للواقع العربي، أو الأداة الوحيدة لتحقيق نهضة الأمة.. وإنما خص له مكان
الطليعة.. ووضع له شروطاً قاسية حتى يكون ( حزب البعث ) مجسد ا لمشروع
الأمة ومحركا لجماهيرها وقواها وميدانا لخلق وتربية الانسان العربي الجديد
المتكامل الشخصية غير المستلب الواثق من نفسه وأمته وحضارتها.يقول القائد صدام
حسين: “صحيح أن دور المؤسسين هو بصورة عامة دور متميز في الحركات الوطنية
والقومية والتقدمية، ولكن الذي ميز دور الاستاذ ميشيل عفلق كونه قد حافظ في
جميع مراحل حياته النضالية على هذا المستوى التاريخي الذي صمم على أساسه
مشروعه القومي الحضاري. فالحزب لم يكن بالنسبة إليه مجرد تنظيم مهما اتسع
إطاره القومي وأحكم بناؤه ولا مدرسة فكرية تبشر بالثورة والنضال فحسب،
وإنما هو جسد وروح وكائن حي في المجتمع، والقومية في مفهومه هي عروبة
وإسلام.. أي رسالة انسانية، والاشتراكية هي علم وروح، والحرية هي ثورة
روحية قبل كل شيء.. لذلك تقدم الثقل الروحي في شخصية أستاذنا الراحل على ما
عداه” ( 31 ) .إذاً لقد كان
البعث أولا ثم جاء الحزب – كما يقول القائد صدام حسين في عام 1993، وبقيا
حالتين تردف إحداهما الأخرى وقد يتراجع الحزب عن البعث مرة، ويلحق به
مرات.. فإن لم يكن الحزب بمستوى البعث، فإن البعث يبقى حاله ويبقى الحزب
شيئا آخر مختلفا.. ولكن لكي نحقق ( حزب البعث ) لا بد أن يكون الحزب في
سلوكه، وفي نماذجه وفي استعداده وفي روح التضحية والايثار بين منتسبيه
بمستوى البعث العظيم..وعلى هذا الأساس
دخل القائد صدام حسين المنازلة الكبرى- أم المعارك الخالدة- بمنطق البعث،
أي المشروع النهضوي الحضاري لكل الأمة.. وليس بمنطق الحزب.. لذلك نجح في
توحيد قوى الأمة الحية بمختلف أحزابها وتياراتها وجماهيرها حول شعارات
ومشروع البعث في أم المعارك.. لهذا خاطب القائد صدام حسين أعضاء المؤتمر
القطري العاشر ( مؤتمر الجهاد والبناء ) في عام 1991 قائلا: “لقد ثبتم على
الموقف، وتحملتم ما تحملتم أنتم وشعبكم العظيم من اجل هذه الرسالة ومعانيها
وأهدافها وشعاراتها، ولم تركعوا عند أول تهديد جدي، ثم تطووا رسالتكم
وترحلوا عن ميدانها، كما يفعل المدعون، غير الصادقين، وغير الأمناء في
دعواهم.. وهذا ما كان يريده أن يحصل، بل ويتمناه خصومكم وأعداؤكم لتنتهي
دعوتكم ورسالتكم ويتحول البعث من بعث رسالة، أو رسالة للبعث الى مجرد حزب
سياسي، حتى بعد السقوط الذي كانوا يمنون النفس به خاسئين، ويتصورونه ممكنا،
خسئوا وخاب فألهم السيىء” ( 33 ) .هكذا تجسد
المشروع الذي صممه وصاغه القائد المؤسس.. بعد رحيله مطمئنا.. فكانت أم
المعارك الخالدة بمستوى البعث العظيم تعبيرا صادقا عن طموح القائد المؤسس
ومنظوره الحضاري التاريخي.. لتفتح صفحة جديدة اكثر نضجا وتقدما.. وتضع
الحزب أمام مسؤولية كبيرة للرقي الى هذا المستوى الجديد.. مستوى البعث
والرسالة.. التي كرس القائد المؤسس حياته وفكره من اجلها وظلت باقية لتبقى
ذكراه خالدة مع خلود الرسالة..الخاتمةنظرة القائد المؤسس للحزب والحزبية وإلى مشروعه الحضاريكانت المرحلة
التي سبقت تأسيس الحزب تتركز على خلق الجيل الجديد الذي سيتحمل لاحقا
المسؤولية التاريخية في إطار الحزب.. وكان التركيز في بناء هذا الجيل يقوم
على الجانب العقائدي والأخلاقي وليس السياسي، “فهو جيل لا يفهم ما كانوا
يسمونه سياسة، لأن الحق لا يحتاج الى براقع، ولأن القضية العادلة لا تقبل
التكتم”. لذلك اتسم أسلوب عمل الجيل وحركته بالعمق والحوار والاقناع
والتثقيف.. لذلك رفض المؤسس الأسلوب السياسي التقليدي والعمل الدعائي
العاطفي.. الذي يختار الخطابة والشعور السطحي الفاتر. فلجأ الى أسلوب
الكتابة والحوار الموضوعي.ومنذ بداية
الأربعينات وتأسيس حركة نصرة العراق كان المؤسس ينفي عن حركته صفة الحزبية
بالقول: “لسنا حزبيين ولا سياسيين محترفين”.. ويؤكد أن مهمتنا هي التمهيد
لنوع جديد من العمل السياسي “شق الطريق لا زرع الرياحين، غرس البذور
الخالدة لا قطف الثمار اليانعة”.. وتأتي فكرة الانقلابية بمعنى الثورة على
الذات كشرط ضروري للانقلاب على الواقع وتغييره تغييرا ثوريا، والانقلاب في
نظره “أوسع من البرنامج أو الخطة السياسية الاجتماعية، فهو النضال على طريق
طويلة تخلق الشخصية العربية من جديد”.وبعد الاعلان عن
تأسيس الحزب عام 1947 شرع يتحدث عن ( النظرة الحية للحزب ) عام 1955، ويحذر
من أن يتحول الحزب الى ( صنم ) ويؤكد التجديد والنقد الذاتي والحرية
المسؤولة “وهكذا بقيت النظرة الى الحزب حتى نهاية الخمسينات تركز على
العلاقة العضوية بين التنظيم والفكرة، وبين الطليعة والشعب، وبين الوسيلة
والغاية وبين الفكرة ومنابعها الروحية.. وفي ضوء هذه المقاييس كانت النظرة
الى المشكلات التي بدأ يعانيها الحزب كلما ازداد عددا واتسع نشاطا وبرز
سياسيا” وتصدى القائد المؤسس بجسارة يدافع عن هوية الحزب الاصيلة بعد
الانحرافات، التي علقت به في عقد الستينات، والأزمة التي عاشها بعد
الانفصال ووصول الحزب الى السلطة في سورية والعراق قبل نضج العوامل الذاتية
في بنائه الداخلي..وبعد قيام ثورة
17 – 30 من تموز 1968 في العراق.. وضع القائد المؤسس ثقله الفكري والسياسي
معها بعد أن تأكد من سلامة خطها التاريخي وانسجامها مع مشروعه الحضاري الذي
صاغه المؤتمر القومي التاسع ( فبراير 1968 ) ، هذا المؤتمر المهم الذي قام
بتلخيص تجارب الحزب وتحليل الواقع العربي، وطرح فكرة التعددية والعمل
الجبهوي الستراتيجي القومي، وتخلى عن صيغة الحزب الواحد والحزب القائد
وبلور الصيغ المتوازنة للعلاقة بين النضال السياسي والنضال القومي ( 33 ) .هكذا وضع القائد
المؤسس ثقته في تجربة الحزب في العراق وربط مصيره ومصير الأمة بها وأسهم
عمليا مع القائد صدام حسين في رسم خطاها، فكانت خطبه وأحاديثه منذ النصف
الثاني من السبعينات وحتى رحيله الى الدار الآخرة في العام 1989 تركز على
الأبعاد التالية كما يلاحظ الدكتور الياس فرح ( 34 ) .1 – الأفق الروحي الذي انطلق منه الحزب ( التجدد من خلال الاتصال بالماضي وإجلاء العلاقة بين العروبة والاسلام ) .2 – التصور الجدلي لعلاقة الحزب بالأمة ( الأمة هي الأصل والحزب وليد آلامها ومعاناتها وتشوقها الى النهوض والانبعاث ) .3 – التصور الحضاري ( مشروع العمل المستقبلي ) .4 – التصور التاريخي للحزب ويؤكد القائد المؤسس هذه المعاني التي تجسدت في تجربة حزبنا في العراق بالقول:”كان حزبنا في
العراق دوما هو الحصن المنيع لفكرة البعث ونضاله، هذا الحزب نشأ ونما وكبر
في قطر من أهم أقطار العروبة، هو القطر الذي تدافع فيه العروبة منذ مئات
السنين دفاعا يوميا عن وجودها”.الهوامش( 1 ) انظر،
ميشيل عفلق في سبيل البعث ج 5 ص .3 ( مقابلة صحفية أجراها معه الشاعر
العراقي بدر شاكر السياب بتاريخ 9/8/1958 يقول المؤسس: “لقد بدأت حياتي
بالأدب، ومع ذلك فلا أريد القول بأنني أديب، وكنت أعطي القيمة الأولى للأدب
والأدباء في الفترة بين سن 15 الى 20 سنة ولكن نوع الأدب الذي كنت أقرأه
حتى في صغري، كان على الأكثر، أدباً فلسفياً، فقد قرأت اللزوميات للمعري،
وسقط الزند، وأنا في السادسة عشرة من العمر، وانتقيت لنفسي مختارات من
اللزوميات، كما قرأت المتنبي في تلك السن نفسها، ولما ذهبت الى باريس
للدراسة، بعد حصولي على البكالوريا، كان الأدباء الذين أغرقتني كتبهم،
أدباء مفكرين لذلك كان من الطبيعي الانزلاق من الأدب الى الفلسفة، وأول
فيلسوف تعرفت عليه عن طريق الأدب هو ( نيتشة ) ، وقد شغل مكانا خاصا في
مطالعاتي، كما أعجبت غاية الاعجاب بالقصاص الروسي ديستوفسكي ) ص 32.( 2 ) يلاحظ
أن كتاباته الأدبية في القصة والشعر كانت تحمل في مضمونها ومواضيعها مشروعه
النهضوي للأمة.. على سبيل المثال قصيدة “عاصفة” وقصة ” السندباد “.. الخ.( 3 ) أسست
حركة الإحياء العربي في أوائل 1940 وصدر بيانها الأول عام 1941.. أنظر سيرة
القائد المؤسس في مقدمة كتاب في سبيل البعث، الكتابات السياسية الكاملة ج 1
الى ج 5.( 4 ) الأصل
هو جدلية العلاقة بين الأمة والحزب والمناضل الفرد. ومما يميز نظرية البعث
العربي أنها لم تفرق بين الفكرة والأسلوب – كما يقول المؤسس عام 1945 وبين
الغاية والوسيلة، فالفكرة والغايات عامة مشاعة يستطيع أي فرد وأي حزب أن
يدعيها، ولكن الضامن الوحيد لهذا الادعاء هو أن تكون الوسائل والأساليب
مشتقة من صلب الفكرة مع الغاية، أنظر عفلق ج 4 ص 27.ويقول المؤسس
أن الحزب الذي تناديه الأمة العربية من أعماقها والذي تدعوه الأمجاد
العربية من ماضي التاريخ العربي السحيق هو الحزب الذي يجعل الأمة غاية له
لا الدولة، ج 1 ص 68. ويقول القائد صدام حسين: “تكون تقاليد الحزب أقوى
قوانينه، وتكون قوانين الحزب أقوى من جميع قوانين الدولة، ويبقى الحزب
قادرا على تغيير قوانين الدولة بما يحقق مبادئه، وتبقى الدولة وقوانينها
عندما تتجرد من قوانين الحزب غير قادرة على أن تغير أي شيء من قوانين الحزب
” مختارات ج 7 ص 123.( 5 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 123- 124.( 6 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 151.( 7 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 165.( 8 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 3 ص 45.( 9 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 98.( 10 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 54.( 11 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 175.ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 169.( * ) الد كتور الياس فرح، محاضرات غير منشورة، مكتب الثقافة والاعلام 1993.( 13 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ط 4 بيروت 75 ص 27.( 14 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 81.( 15 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 1 ص 102 ط بيروت.( 16 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 2 ص 239.( * ) صدر بيانها الأول عام 1941.( 17 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 122.( 18 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 369.( 19 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 48.( 20 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 154.( 21 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 2 ص 322.( 22 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 2 ص321.( 23 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 17 عام 1943.( 24 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 161.( 25 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 361.( 26 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 203.( 27 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 3 ص 3 ص 125.( 28 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 5 ص 211.( 29 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 3 ص 124.( 30 ) ميشيل عفلق الكتابات السياسية الكاملة في سبيل البعث ج 4 ص 301.( 31 ) حزب البعث العربي الاشتراكي، في وداع فقيد البعث – دار الحرية- بغداد 1989 ج 1ص24.( 32 ) البيان السياسي الصادر عن المؤتمر القطري العاشر أيلول 1991 ص 35.( 33 ) د. الياس فرح، ندوة القاهرة حول فكر المؤسس 1990 ص 37.( 34 ) المصدر السابق، ص 237-238.23 حزيران 1999